احتفلت المملكة العربية السعودية في العام 2018، بإنجاز رئيسيّ ضمن خطة تطوير صناعة السياحة، تمثّل بإطلاق آلية جديدة للتأشيرات الإلكترونية الموجهة إلى السيّاح الأوروبيين. وأُطلقت المنصة الرقمية المعروفة باسم "شارك"، بالتزامن مع افتتاح سباق بطولة "فورمولا إي – الدرعية"، في الرياض ما بين 13 و15 ديسمبر 2018م.
وقد شكلت بطولة "فورمولا إي – الدرعية"، أول حدث في المملكة يفتح أبوابه للسيّاح وعشاق سباقات السيارات من مختلف أنحاء العالم للتمتع بثلاثة أيام من مشاهدة سباق السيارات الكهربائية، فضلاً عن حفلات موسيقى حيّة أحياها فنانون عالميون، وأنشطة ثقافية وفنية متعددة. ووصف نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل سباق "فورومولا إي – الدرعية" وإطلاق التأشيرات الإلكترونية للزوار الراغبين بزيارة المملكة بـ "اللحظة التاريخية التي غيّرت توجهات السياحة والسفر إلى المملكة".
وإضافة إلى أن هذا الحدث العالمي جسّد بصورة واضحة، التوجه المستقبلي للمملكة وطموحاتها في ما خص قطاعي السياحة والفعاليات، نجحت المملكة في تطبيق تقنية التأشيرة الإلكترونية التي ستساهم في المستقبل القريب بفتح أبوابها أمام السياحة العالمية.
وعلى الرغم من أن تأشيرات الزيارة إلى المملكة لا تزال تقتصر على الحجاج وأفراد عائلات المقيمين ورجال الأعمال، يعطي برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030 وخطط التنويع الاقتصادي مجتمعةً، السياحةً حيّزًا كبيرًا لتحقيق الأهداف المرصودة، خصوصاً مع وضع منح التأشيرة السياحية لغير المسلمين ضمن الأولويات.
وكانت الهيئة السعودية للسياحة والتراث الوطني أعلنت في أبريل الماضي، الانتهاء من وضع اللوائح الخاصة بالتأشيرة السياحية وتقديمها إلى السلطات العليا للموافقة عليها. وأوضحت الهيئة في بيان أن برنامج التحول الوطني تبنّى التأشيرة السياحية بوصفها واحدة من "المبادرات المهمة ذات الجدوى الاقتصادية العالية". ونتيجة لذلك، طُوّر نظام إلكتروني متكامل لمعالجة معاملات التأشيرات وتسجيلها، تحت إشراف فريق متخصص بقيادة وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
تعزيز القياسات الحيوية (البيومترية)
في الوقت الذي تُجرى فيه الاختبارات الخاصة بالتأشيرات الإلكترونية، تُنفّذ مبادرات مكمّلة أخرى لتسهيل وصول الزوار إلى المملكة. فقد أطلقت وزارة الداخلية نسخة تجريبية من برنامج يسمح لضيوف الرحمن من ماليزيا وإندونيسيا بتقديم بياناتهم الحيوية في بلدانهم. وفيما لاقت هذه الخطوة نجاحاً كبيراً، تدرس الإدارة المختصة حالياً توسعة نطاق هذا البرنامج ليشمل بلداناً أخرى، وفق ما صرّح به مدير عام الإدارة العامة لتقنية المعلومات في وزارة الداخلية العقيد ناجي بن محمد القحطاني. وأضاف "بفضل هذا البرنامج، بات السيّاح من تلك البلدان يتممون إجراءات السفر بشكل أسرع عما سبق، فقد كانوا في حاجة إلى تقديم بياناتهم وتسجيل بصماتهم لدى وصولهم إلى المملكة، الأمر الذي ساهم في تخفيف الإزدحام وطوابير الانتظار الطويلة في المطار خلال ذروة موسم الحج والعمرة".
ولفت القحطاني مؤتمر ومعرض الخليج لأمن المعلومات (جيتكس)، إلى أن نجاح هذه المبادرة حفّز وزارة الداخلية على تطوير وسائل أخرى لتسهيل وصول السيّاح إلى البلاد. وشملت منصة مركزية تمّكن السلطات السعودية من التواصل ومشاركة البيانات والوثائق. وهذا يشكّل حالياً أولوية رئيسية لوزارة الداخلية، لأنه يسهّل حركة السفر إلى البلاد ويحسّن من كفاءة الخدمات المقدمة بين مختلف الدوائر الحكومية".
وصُمّم جناح وزارة الداخلية في معرض جيتكس ليعكس الرؤية المستقبلية للمملكة في أن تصبح قادرة على التعامل بشكل أكبر مع الأعداد المتزايدة من السيّاح، ضمن هدف استقطاب 30 مليون معتمر في 2030، إضافة إلى روّاد الأحداث الثقافية والفعاليات الأخرى.
وكشف بحث صادر عن المجلس العالمي للسياحة والسفر، أن المملكة تسير على الطريق الصحيح لاستقطاب 17.68 مليون سائح دولي في العام 2018. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 29.96 مليون سائح بحلول العام 2028، ينفقون حوالى 75.8 مليار ريال سعودي (20.21 مليار دولار).
أخبار سارة لقطاع الضيافة
تطبيق أي تقنية ذكية مثل التأشيرة الإلكترونية أو البيومترية، يستقطب عدداً أكبر من الزوار إلى المملكة، ويُعتبر خبراً جيداً لقطاع الضيافة السعودي. وفي وقت تواكب فيه استراتيجيات شركات الضيافة والفندقة المحلية والعالمية برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030، يتوقع أن يتضاعف عدد الغرف الفندقية تقريباً بحلول العام 2024، وفقًا لما ذكرته STR. ويُجرى حالياً تطوير 273 منشأة فندقية لتوفر نحو 90 ألفاً و449 غرفة، تُضاف إلى الفنادق القائمة والبالغ عددها 403 فنادق تضم 93 ألفاً و814 غرفة.
و فيما أصبح تطبيق إجراءات التأشيرات أكثر مرونة بفضل التقنيات الحديثة، يمكن للمطورين والمشغلين الفندقيين تسريع خططهم التوسعية في المملكة، وطرح عدد من خدمات الضيافة ومنتجاتها الجديدة لتلبية احتياجات الأعداد المتنامية من الحجاج والمعتمرين وغيرهم من سياح الفعاليات والثقافة.
وتؤدي شركة "دور للضيافة" دوراً مهماً في تطوير قطاع الضيافة في المملكة العربية السعودية بوصفها شريكاً رئيسياً في تحقيق رؤية 2030، إذ ترتكز "دور" على التكتولوجيا الذكية كوسيلة لتسهيل وصول المزيد من الزوار إلى المملكة. وتدير الشركة حالياً محفظة متنوعة من 20 مشروعاً مكتملاً، إضافة إلى 20 مشروعاً قيد التطوير بقيمة 2.4 مليار ريال سعودي (640 مليون دولار) من المقرر أن يُسلّم معظمها بحلول العام 2020. وينصب تركيز "دور" على إضافة مزيد من العقارات إلى محفظتها، سواء تحت العلامات التجارية الوطنية أو العلامات التجارية العالمية، لضمان تلبية الاحتياجات المتنوعة للأسواق العالمية وتوفير متطلبات العملاء كافة.
وفي هذا الصدد، تطور "دور للضيافة" مشاريع عقارية في وجهات رئيسية من المتوقع أن تشهد ازدهاراً في السياحة المحلية والدولية. وفي سبيل تلبية احتياجات رجال الأعمال في عدد من مشاريعها المقبلة، دخلت "دور للضيافة" في شراكة مع سلسلة فنادق ماريوت ومجموعة فنادق إنتركونتيننتال (IHG) لما تتمتعان به من شهرة وانتشار وبرامج للولاء.
في المقابل، تلبي الشركة متطلبات السياحة الداخلية والدينية من خلال العلامة التجارية الخاصة بها، وتحديداً فنادق مكارم. وعليه تعتزم الشركة تطوير 10 مشاريع جديدة تحت علامة مكارم خلال السنوات الخمس المقبلة لتواكب الخطط الحكومية الطموحة لاستقطاب 30 مليون معتمر في العام 2030.
وفيما تواصل الحكومة الرشيدة إطلاق مبادرات التقنية الحديثة لتسهيل زيارة المملكة، تطرح شركات الضيافة بما فيها "دور للضيافة" ابتكارات تتمحور حول تجارب الضيوف وآرائهم. وكانت الشركة أطلقت بالفعل تطبيق مكارم للهاتف الجوال لتعزيز تجربة النزلاء، وهي تطوّر حالياً وسائل جديدة لتحسين التفاعل والتواصل مع العملاء الحاليين والمحتملين. ومن المتوقع الإعلان عن مزيد من الخدمات في وقت قريب.
مستقبل السياحة في التقنية الذكية
تتطلع المملكة العربية السعودية إلى أن تصبح رائدة على المستوى الإقليمي في مجال الإبتكار كجزء من رؤية المملكة 2030. وتعتمد في سبيل تحقيق ذلك مقاربة شاملة من خلال استخدام التقنيات الذكية في كل الصناعات الرافدة للتنمية، وبالتالي المساعدة في تحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية.
يتولى قطاع السياحة زمام المبادرة إذ، إلى جانب التقدم المحقق على صعيد إجراءات التأشيرات، تطوّر جهات رئيسية مثل الهيئة العامة للسياحة آليات عملها انسجاماً مع القرار الذي أصدره رئيس الهيئة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز بإنشاء مركز التحول الرقمي في الهيئة. ويعتمد هذا النهج على التكنولوجيا الرقمية بوصفها المحفز والمحرك لتطوير عمل الهيئة في كل المجالات مع ضمان تحقيقها للأهداف الخاصة بها ضمن رؤية 2030.
تماشيًا مع ذلك، تمضي السعودية قدماً في مشروعها المستقبلي "نيوم" بكلفة 500 مليار دولار، ليكون أوّل مدينة ذكية في العالم توفّر مناخاً صديقاً للبيئة لمرحلة ما بعد النفط، مع تولي الروبوتات مهمات تنفيذية مثل الأمن والخدمات اللوجستية والتسليم المنزلي وتوفير الرعاية. كما يلحظ المشروع توليد الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية، ويتميّز بأنظمة المرور ذاتية التعلم، والطائرات بدون طيار وغيرها. كذلك يركز مشروع نيوم على توفير متطلبات الترفيه والضيافة ليعزز مكانة السعودية كدولة حديثة، يقودها الابتكار والتكنولوجيا المتطورة ويوفر تجربة رائدة للزوار.